التشكيل والمجتمع: هشاشة الأساس وعدمية الالتقاء
صفحة 1 من اصل 1
31032008
التشكيل والمجتمع: هشاشة الأساس وعدمية الالتقاء
التشكيل والمجتمع:
هشاشة الأساس وعدمية الالتقاء
__________
عبد الكريم المقالح *
مقارنة بغيره من الأجناس الإبداعية كالشعر والقصة والرواية، يبدو التشكيل وكأنه يقف على هامش المشهد الثقافى والإبداعي. ومن جهة أخرى يلوح نخبوياً.. أى فى مساحة اهتمام الجمهور بفعالياته المتنوعة. إذا تكاد تسجل صفراً فى مقابل اهتمام رجل الشارع بالشعر والشعراء مثلاً. وما ذاك إلا لجملة أسباب مختلفة، منها ذاتية وموضوعية، تفسر عزلة هذا الجنس الإبداعى الفنى عن البيئة المنبثق منها والمحيطة به. وسأحاول إيراد هذه الأسباب باختصار:
أ ـ الذاتيـة:
1- طبيعة هذا الجنس الإبداعي، كونه بصرياً، أى أن عملية التلقى أو التذوق مختلفة تماماً عن المألوف فى جنسى الشعر أو القصة.
2- عمره الزمنى الوجيز الذى أثر بدوره على عملية التلقى إذ أنه بعد وخلال عقوده القليلة ـ منذ ستينات القرن العشرين، وحتى اليوم ـ أحدث فى الذاكرة والذائقة من النثر والشعر.
ب ـ الموضوعيـة:
يبدو المجتمع غير مهيأ لتقبل مثل هذا النمط الإبداعى الذى لا زال يعد عند كثير من قطاعاته بما فيها العلمية ترفاً لا ضرورة، كون المتعة التى يستمدها المتلقى منه محدودة وضيقة عكس ما نجد عند تلاوة قصيدة شعرية مثلاً. ويعود هذا لعوامل أهمها:
1- التابو الدينى المستقر فى الثقافة المتداولة "تحريم تصوير كل ذى روح" وكراهة تعليق الصور فى البيوت كونها محرمة تمنع دخول الملائكة ـ أو زيارتها ـ لأى بيت يعلق مثل هذه التصاوير.
2- إنعدام التنشئة التعليمية الفنية. إذ أنها غير مدرجة فى قائمة اهتمامات المجتمع فى مؤسساته الرسمية ـ المدارس ـ والجماهيرية. وهذا بدوره ما أثر فى غياب تام لأى جذور تأسيسية لتربية ذائقة أو نشر وعي.
3- إنغلاق الدائرة بين الفنان والمتلقى بتفاوت مستوياته. بدءاً من الأسرة التى تنظر إلى ميول أبنها بشيء من الغرابة. خاصة إذا كان ميسور الحال أو كان متفوق فى دراسته. إذ لا معنى للموهبة هنا لعدم إعطائها أى إهتمام منذ البداية. وعلى العكس تماماً سنجد الوضع. مثلاً لو كان هذا الفنان قد اختار أو إلتحق منذ صغره فى معهد متخصص. بدفع وتشجيع من الأسرة التى حتماً ـ لو كانت الثقافة الفنية معممة على المجتمع ـ لن يخلو البيت لديها من لوحات أو صور معلقة على الجدران.
4- علاقة الفنان بالفن. إنه فى الوسط المتناقض. التعبير عن عالمه المحيط به وفق رؤيته هو للعالم وفلسفته فى الحياة. وبين إرضاء بيئته باحتراف التسجيلية الفوتوغرافية .. "إنها رائعة كونها تامة التجسيد والتشخيص". لذا فهى مفهومة.
وهذا بدوره أعاق الفنان عن تجاوز نفسه وتغيير أدواته وخوض غمار التجريب والمغامرة الأسلوبية. من جهة أخرى، ونظراً لغياب الدعم الرسمى أو الأهلي.
وفى حال تجاوز الفنان معضلة إرضاء مجتمعه، ستجده مرغماً على تلبية مقاس السوق حسب قانون العرض والطلب. إذ لا بد أن يعيش موفور الكرامة مستور الحال. لهذا فلا غرابة أن نجد لدى كثير من فنانينا ما يمكن تسميته بالفصام اللوني. هذه اللوحة للفنان وتلك للسوق. واقعية سهلة. تصوير بسيط وواضح يجذب المشترى سواء الوطنى أو الأجنبي.
*كاتب وقاص يمني
عن: العرب أونلاين
..
هشاشة الأساس وعدمية الالتقاء
__________
عبد الكريم المقالح *
مقارنة بغيره من الأجناس الإبداعية كالشعر والقصة والرواية، يبدو التشكيل وكأنه يقف على هامش المشهد الثقافى والإبداعي. ومن جهة أخرى يلوح نخبوياً.. أى فى مساحة اهتمام الجمهور بفعالياته المتنوعة. إذا تكاد تسجل صفراً فى مقابل اهتمام رجل الشارع بالشعر والشعراء مثلاً. وما ذاك إلا لجملة أسباب مختلفة، منها ذاتية وموضوعية، تفسر عزلة هذا الجنس الإبداعى الفنى عن البيئة المنبثق منها والمحيطة به. وسأحاول إيراد هذه الأسباب باختصار:
أ ـ الذاتيـة:
1- طبيعة هذا الجنس الإبداعي، كونه بصرياً، أى أن عملية التلقى أو التذوق مختلفة تماماً عن المألوف فى جنسى الشعر أو القصة.
2- عمره الزمنى الوجيز الذى أثر بدوره على عملية التلقى إذ أنه بعد وخلال عقوده القليلة ـ منذ ستينات القرن العشرين، وحتى اليوم ـ أحدث فى الذاكرة والذائقة من النثر والشعر.
ب ـ الموضوعيـة:
يبدو المجتمع غير مهيأ لتقبل مثل هذا النمط الإبداعى الذى لا زال يعد عند كثير من قطاعاته بما فيها العلمية ترفاً لا ضرورة، كون المتعة التى يستمدها المتلقى منه محدودة وضيقة عكس ما نجد عند تلاوة قصيدة شعرية مثلاً. ويعود هذا لعوامل أهمها:
1- التابو الدينى المستقر فى الثقافة المتداولة "تحريم تصوير كل ذى روح" وكراهة تعليق الصور فى البيوت كونها محرمة تمنع دخول الملائكة ـ أو زيارتها ـ لأى بيت يعلق مثل هذه التصاوير.
2- إنعدام التنشئة التعليمية الفنية. إذ أنها غير مدرجة فى قائمة اهتمامات المجتمع فى مؤسساته الرسمية ـ المدارس ـ والجماهيرية. وهذا بدوره ما أثر فى غياب تام لأى جذور تأسيسية لتربية ذائقة أو نشر وعي.
3- إنغلاق الدائرة بين الفنان والمتلقى بتفاوت مستوياته. بدءاً من الأسرة التى تنظر إلى ميول أبنها بشيء من الغرابة. خاصة إذا كان ميسور الحال أو كان متفوق فى دراسته. إذ لا معنى للموهبة هنا لعدم إعطائها أى إهتمام منذ البداية. وعلى العكس تماماً سنجد الوضع. مثلاً لو كان هذا الفنان قد اختار أو إلتحق منذ صغره فى معهد متخصص. بدفع وتشجيع من الأسرة التى حتماً ـ لو كانت الثقافة الفنية معممة على المجتمع ـ لن يخلو البيت لديها من لوحات أو صور معلقة على الجدران.
4- علاقة الفنان بالفن. إنه فى الوسط المتناقض. التعبير عن عالمه المحيط به وفق رؤيته هو للعالم وفلسفته فى الحياة. وبين إرضاء بيئته باحتراف التسجيلية الفوتوغرافية .. "إنها رائعة كونها تامة التجسيد والتشخيص". لذا فهى مفهومة.
وهذا بدوره أعاق الفنان عن تجاوز نفسه وتغيير أدواته وخوض غمار التجريب والمغامرة الأسلوبية. من جهة أخرى، ونظراً لغياب الدعم الرسمى أو الأهلي.
وفى حال تجاوز الفنان معضلة إرضاء مجتمعه، ستجده مرغماً على تلبية مقاس السوق حسب قانون العرض والطلب. إذ لا بد أن يعيش موفور الكرامة مستور الحال. لهذا فلا غرابة أن نجد لدى كثير من فنانينا ما يمكن تسميته بالفصام اللوني. هذه اللوحة للفنان وتلك للسوق. واقعية سهلة. تصوير بسيط وواضح يجذب المشترى سواء الوطنى أو الأجنبي.
*كاتب وقاص يمني
عن: العرب أونلاين
..
Admin- Admin
- عدد الرسائل : 821
السٌّمعَة : 22
نقاط : 144
تاريخ التسجيل : 26/07/2007
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى