المنمنمات
صفحة 1 من اصل 1
29082007
المنمنمات
المنمنمات عبارة عن صور إيضاحية لتزيين الكتب ذات الأهمية، وهو فن أبتكره الفنان المسلم وأظهر براعته الإبداعية فيه من خلال دمجه بين الخط والصورة في علاقة تبعث شعورا سارا بالمتعة تجاه "المصوَّر" و"المجرَّد" في آن معا. ومن أشهر المنمنمات القديمة، رسومات "الواسطي" على مقامات الحريري؛ويظهر فيها التعديل الذاتي الذي قام به الفنّان المسلم على الأصل البيزنطي لهذا الفن، بعد أن حور رسم الهالات المقدسة للأشخاص، وحولها إلى حواف ملونة كما أهتم بالتفاصيل المميزة للشخصيات المرسومة من حيث الحركة والإيماءة، واختياره الواسطي للألوان واستخدامها استخداما يتلائم وكونها قيماً تشكيلية في ذاتها , وقد أتقن يحيى بن محمود الواسطي رسوم الجموع في مخطوطته، كما تمكن من التعبير عن خلجات النفوس،كما أهتم بعناصر الصورة من حيث حجم الأشخاص وتعبيراتهم المختلفة على وجوههم وحركاتهم مما يعلي من شأن الصورة في تدرجها في سلّم القيم والانتقال من القيم التشكيلية إلى الاهتمام بالقيم التمثيلية والروحية وأن يكون واقعيا في تمثيله للمناظر حيث كانت المنمنمات أسلوبا لمدارس فنّية ازدهرت في العصور الإسلامية المتتالية ارتبطت بمجال التصوير والزخرفة ويتّضح في معظمها تكوينات لا علاقة لها بالواقع من حيث الجمع بين الليل والنهار في الصورة الواحدة، أو الجمع بين الداخل والخارج، أو التعبير المتأنق عن العمارة الإسلامية في التصوير من خلال رسم دقائق الزخارف أو التعبير عن قوة الحاكم أو نبله وثرائه في صور أي مما دعا المستشرق "بابا دوبلو" أن يقول: "ليس من قبيل المبالغة القول أن كل مصوري الإسلام كانوا فائقي البراعة في استخدام الألوان".لا تخلو الكتب التي تدرس في الكليات العلمية من الرسوم العلمية التوضيحية التي تبسط العلم وتشرحه للطلاب.ومن الرائع أن المسلمون كانوا هم أول من وضع الرسوم التوضيحية في كتب التاريخ وكتب الطب الإسلامي التي تعود إلى عصر ازدهار العلوم الإسلامية ؛ حيث يعود بعضها إلى القرن الثالث والرابع الهجري و نجد في المخطوطات القديمة الكثير من الرسوم التي تبين لطالب العلم مهمة القضية التي تشرح له معاني الموضوعات الواردة في الكتب، فهناك رسوم تظهر الطبيب والمريض وغرفة الفحص الطبي، وطريقة الكشف على المرضى أو ما يسمى بالفحص السريري الذي ابتدعه الأطباء المسلمون وعلموا أوربا فيه أحدث الطرق لاكتشاف المرض ومعرفة أحوال المريض. أيضا هناك صور لعلم جبر العظام والخطوات التي يتبعها الطبيب لعلاج الكسور والخلع وغيرها. وصور أخرى لعلم الكيّ وأخرى لجراحة العيون وجراحة الدوالي، بل وأيضا صور لخطوات الولادة العسرة والجراحة القيصرية.وقد نقلته أوربا عنهم في حضارتها المعاصرة لأن هذا الفن لم يكن معروفا عند الإغريق،ومن أشهر المنمنمات النسخة المحفوظة باسم "مقامات شيفر" وهي محفوظة بالمكتبة الأهلية بباريس ...
................................
رسم للواسطي مرافق للمقامة الدمشقية:
...........................
رسم للاوسطي مرافق للمقامة الفراتية:
.......................
................................
رسم للواسطي مرافق للمقامة الدمشقية:
...........................
رسم للاوسطي مرافق للمقامة الفراتية:
.......................
عدل سابقا من قبل في الجمعة أكتوبر 12, 2007 5:20 pm عدل 1 مرات
Admin- Admin
- عدد الرسائل : 821
السٌّمعَة : 22
نقاط : 144
تاريخ التسجيل : 26/07/2007
المنمنمات :: تعاليق
رد: المنمنمات
قراءات في الفنون الإسلامية : المنمنمة
لم يحل زهد المسلمين في التصوير, وتحفظهم بشأنه من إبداع آثار تصويرية تصغيرية بلغت أوج ازدهارها في العصور المتأخرة, وتعد إحدى المظاهر البارزة لعبقرية الحضارة الإسلامية, التي تجمع بين القيم الجمالية والثقافية, غير أن هذه الآثار لم تحظ بما يليق بها من الاهتمام والتثمين, مثلما هو الشأن بالنسبة للآثار التصويرية في الفن "الأوربي", خلال العصور الوسطى والأسفار المذهبة أيام النهضة الايطالية.
ترجع أصول المنمنمات أو الرسم التصغيري إلى فترة العباسيين والتيموريين والصفويين, عندما كانت كتب الشعر والتاريخ تزين بالرسوم, كما تجلت في كبريات مدارس المخطوطات ببلاد فارس والهند وتركيا, وما خلفته من آثار, والمؤكد أن الفن التصغيري الاسلامي استقى مصادره وعرف أيام مجده وتطويره في بلاد فارس في الآثار النفيسة التي خلفها مصورون منهم: بهزاد واغامير والسلطان محمد ورضا عباس.
وشهدت المنمنمات تطورا خاصة في رسومات الداعية (ماني البابلي) (المولود في بابل 216م) .وفي هذا السياق يعتقد بأن مصدر كلمة "منمنمة" العربي كان مشتقا من اسم (ماني) نفسه بما عرف عنه من إرفاقه للرسوم في ثنايا النصوص التي تضمنها كتابه الروحي الذي سمي (ماني نامه) ويعني بالفارسة (كتاب ماني) الذي دغم وأختزل ووطأ الآرامية لغة ماني وأهل العراق والشام قبل الفتح الإسلامي ليصبح بصيغة (منمنمة) التي وردت الى العربية من ضمن ما ورثته من الآرامية. ولهذا السبب لايتوفر للكلمة سند ومصدر من صلب اللغة، ولا يشيع للكلمة معنى دقيق ، ولكن معناها في اللغة و اللهجات الدارجة يعني الشئ الدقيق المزوق ، ذو الملامح المصغرة ،والذي أخذت عنه الترجمة اللاتينية (Miniature).
وبالرغم من أن المسلمين كانوا قد عرفوا الرسم على الورق منذ القرن الثانى الهجرى فان ما وصلنا من تلك الرسوم لا يعود بتاريخها لأكثر من أوائل العصر العباسى وربما أواخر العصر الاموى. وورد عنها مؤلف مهم للمقريزي عنوانه : ( ضوء النبراس وأنيس الجلاس في أخبار المزوقين من الناس).
والمنمنمات نوع من التعبيرية في الرسم اقترنت بالفنون التصويرية التي طرقت عدة مواضيع أدبية وعلمية، يعود الفضل فيها إلى عكس صورة المجتمعات الإسلامية ،بما يوحي بالكثير من القراءات ومن ضمنها طرز العمارة والمعالجات الفنية السائدة. وتعود أقدم الأمثلة المرسومة على الورق التي بين أيدينا اليوم إلى أواخر الفترة العباسية والفاطمية، في القرن الثاني عشر الميلادي .وقد دأب المصورون في العادة إلى طرق مواضع دنيوية لا دينية لكن هذا لم يمنع إظهار مواضيع ومناسبات دينية كالمعراج وقصص الأنبياء والصحابة والأولياء مثلا.
و فن المنمنمات تطور من جراء التسامح الديني، حسب ما يعتقد الكثيرون ،أو حتى إقتفاءا ببعض الشروح الفقهية لبعض المذاهب الإسلامية، بما سمح لحالة التجسيد والتشبيه هذه والتي أظهرها الفنانون في الكتب كأداة مساعدة ووسيلة إيضاح لفهم النصوص ، كما هي السير والمقامات ولم يهتم الرسامون بذكر أسمائهم واكتفوا بتكريس دقة أدائهم.
وقد ظهر اسم الواسطي بدلالات الريادة خلال نمنمته لمقامات الهمداني. وتعكس تلك النتاجات صورة لأيام الذروة الحضارية، كان قد صورها من داخل الحياة وحبكتها ،وليس كما ألفنا بعد قرون في رسومات المستشرقين التي صورت من خارج روح الحياة الإسلامية.لقد تعامل الو اسطي في تصوير الحياة بحدس فطري بانتظار القادم-المغولي- المجهول الذي أسقط بغداد. و نقل لنا صور الحياة بأمانة قبل اضمحلالها وزوالها. لقد أرخ للفراغ منها يوم 3 آذار(مارس) 1237 م34 هـ، على مجلد يتألف من 167 صفحة بمقاس 37×28 سم ،هو اليوم في متحف اللوفر في باريس. ويعتبر اسم يحيى الو اسطي استثناء في الإمضاء على لوحاته.
وللون في المنمنمات دوران إحداهما تشكيلي والأخر جمالي وتعبيري بغض النظر عن الرمزية والوجدانية لعلاقات الألوان بعضها ببعض، والتي عادة ما تثير رد فعل فطري مرتبط بالتقاليد والأعراف الاجتماعية الراسخة لكل أقليم إسلامي، والتي تأخذ منحى فلسفيا في العادة. وقد استعمل اللون المفرد ذي الأهمية الحسية والتي تعدل علاقة المكان مع ما يحيطه من أجزاء بنائية. وتبدو المنمنمة زاخرة بعدد كبير من الألوان بالرغم من محدوديتها واقتصارها اللوني.
ومقياس الرسم في المنمنمات عادة ما يستخدم بلباقة و يعطي حالة انطباعية اكثر مما هي واقعية عن الأبعاد والمسافات ويهبنا صورة عن الأبعاد الثنائية اكثر مما للثلاثية من نصيب حيث إن ضمور مفهوم المنظور كان منطقياً ،ولم يكن قد سبق وطُرق ذلك الضرب من عملية الإظهار في الرسم في ذلك الزمان حتى حلول عصر النهضة في أوربا وظهرت في المنمنمات التركية المتأخرة ،ولكنه في مدرسة بغداد وما تبعها جاء تشبيهيا من خلال إشراك الواجهات والأجناب والأسقف في الصورة نفسها و تمثيل الأشكال فيها بالطريقة التي تشعر الرائي بوجود الأبعاد الثلاثة من خلال الخطوط ومساحاتها المجردة وكذلك الألوان ودرجاتها بحيث لا يخضع دائماً للمنظور الحسي المألوف بقدر ما هو يعتمد على الإحساس النسبي الموحي بالعمق.
ولا يستهان بالجانب الشكلي لاستخدام المستطيل والدائرة والمربع والمثلث التي تغني الرائي على تبين الرسم واستجلائه،ناهيك عن رمزية وروحانية كل من الأشكال ،ويستفاد في ذلك من التلاعب بألوان المسطحات وكذلك من النسب الجمالية والتي قررت الحلول الملموسة للجمال العلمي التحليلي والذي يدعى اليوم (النسبة الذهبية)، والتي نجدها مجسدة في كثير من أجزاء المنمنمات عن قصد واع أو فطري يعكس تأثر الفنانين بناموس الطبيعة الجمالي . فلنأخذ مثلاً ارتفاع الفضاءات المعمارية متناسبة مع طول قاعدتها أو طول العقود(نسبها الداخلية) بالمقارنة مع نسب السقوف والشرفات وما يعلوها من غطاءات سناميه (نسبها الداخلية في القاعدة-البدن-التاج) وكذلك في نسبها مع العقود التي فوقها في تجسيد الجمال مع عدم إهمال التأثيرات (ألقبإسلامية) ونذكر بالخصوص المصرية والشامية و اليونانية منها بنسبها المعروفة 3:5 و5:8 و 8:13 …الخ .
عدل سابقا من قبل في الأحد سبتمبر 30, 2007 3:20 pm عدل 1 مرات
لم يحل زهد المسلمين في التصوير, وتحفظهم بشأنه من إبداع آثار تصويرية تصغيرية بلغت أوج ازدهارها في العصور المتأخرة, وتعد إحدى المظاهر البارزة لعبقرية الحضارة الإسلامية, التي تجمع بين القيم الجمالية والثقافية, غير أن هذه الآثار لم تحظ بما يليق بها من الاهتمام والتثمين, مثلما هو الشأن بالنسبة للآثار التصويرية في الفن "الأوربي", خلال العصور الوسطى والأسفار المذهبة أيام النهضة الايطالية.
ترجع أصول المنمنمات أو الرسم التصغيري إلى فترة العباسيين والتيموريين والصفويين, عندما كانت كتب الشعر والتاريخ تزين بالرسوم, كما تجلت في كبريات مدارس المخطوطات ببلاد فارس والهند وتركيا, وما خلفته من آثار, والمؤكد أن الفن التصغيري الاسلامي استقى مصادره وعرف أيام مجده وتطويره في بلاد فارس في الآثار النفيسة التي خلفها مصورون منهم: بهزاد واغامير والسلطان محمد ورضا عباس.
وشهدت المنمنمات تطورا خاصة في رسومات الداعية (ماني البابلي) (المولود في بابل 216م) .وفي هذا السياق يعتقد بأن مصدر كلمة "منمنمة" العربي كان مشتقا من اسم (ماني) نفسه بما عرف عنه من إرفاقه للرسوم في ثنايا النصوص التي تضمنها كتابه الروحي الذي سمي (ماني نامه) ويعني بالفارسة (كتاب ماني) الذي دغم وأختزل ووطأ الآرامية لغة ماني وأهل العراق والشام قبل الفتح الإسلامي ليصبح بصيغة (منمنمة) التي وردت الى العربية من ضمن ما ورثته من الآرامية. ولهذا السبب لايتوفر للكلمة سند ومصدر من صلب اللغة، ولا يشيع للكلمة معنى دقيق ، ولكن معناها في اللغة و اللهجات الدارجة يعني الشئ الدقيق المزوق ، ذو الملامح المصغرة ،والذي أخذت عنه الترجمة اللاتينية (Miniature).
وبالرغم من أن المسلمين كانوا قد عرفوا الرسم على الورق منذ القرن الثانى الهجرى فان ما وصلنا من تلك الرسوم لا يعود بتاريخها لأكثر من أوائل العصر العباسى وربما أواخر العصر الاموى. وورد عنها مؤلف مهم للمقريزي عنوانه : ( ضوء النبراس وأنيس الجلاس في أخبار المزوقين من الناس).
والمنمنمات نوع من التعبيرية في الرسم اقترنت بالفنون التصويرية التي طرقت عدة مواضيع أدبية وعلمية، يعود الفضل فيها إلى عكس صورة المجتمعات الإسلامية ،بما يوحي بالكثير من القراءات ومن ضمنها طرز العمارة والمعالجات الفنية السائدة. وتعود أقدم الأمثلة المرسومة على الورق التي بين أيدينا اليوم إلى أواخر الفترة العباسية والفاطمية، في القرن الثاني عشر الميلادي .وقد دأب المصورون في العادة إلى طرق مواضع دنيوية لا دينية لكن هذا لم يمنع إظهار مواضيع ومناسبات دينية كالمعراج وقصص الأنبياء والصحابة والأولياء مثلا.
و فن المنمنمات تطور من جراء التسامح الديني، حسب ما يعتقد الكثيرون ،أو حتى إقتفاءا ببعض الشروح الفقهية لبعض المذاهب الإسلامية، بما سمح لحالة التجسيد والتشبيه هذه والتي أظهرها الفنانون في الكتب كأداة مساعدة ووسيلة إيضاح لفهم النصوص ، كما هي السير والمقامات ولم يهتم الرسامون بذكر أسمائهم واكتفوا بتكريس دقة أدائهم.
وقد ظهر اسم الواسطي بدلالات الريادة خلال نمنمته لمقامات الهمداني. وتعكس تلك النتاجات صورة لأيام الذروة الحضارية، كان قد صورها من داخل الحياة وحبكتها ،وليس كما ألفنا بعد قرون في رسومات المستشرقين التي صورت من خارج روح الحياة الإسلامية.لقد تعامل الو اسطي في تصوير الحياة بحدس فطري بانتظار القادم-المغولي- المجهول الذي أسقط بغداد. و نقل لنا صور الحياة بأمانة قبل اضمحلالها وزوالها. لقد أرخ للفراغ منها يوم 3 آذار(مارس) 1237 م34 هـ، على مجلد يتألف من 167 صفحة بمقاس 37×28 سم ،هو اليوم في متحف اللوفر في باريس. ويعتبر اسم يحيى الو اسطي استثناء في الإمضاء على لوحاته.
وللون في المنمنمات دوران إحداهما تشكيلي والأخر جمالي وتعبيري بغض النظر عن الرمزية والوجدانية لعلاقات الألوان بعضها ببعض، والتي عادة ما تثير رد فعل فطري مرتبط بالتقاليد والأعراف الاجتماعية الراسخة لكل أقليم إسلامي، والتي تأخذ منحى فلسفيا في العادة. وقد استعمل اللون المفرد ذي الأهمية الحسية والتي تعدل علاقة المكان مع ما يحيطه من أجزاء بنائية. وتبدو المنمنمة زاخرة بعدد كبير من الألوان بالرغم من محدوديتها واقتصارها اللوني.
ومقياس الرسم في المنمنمات عادة ما يستخدم بلباقة و يعطي حالة انطباعية اكثر مما هي واقعية عن الأبعاد والمسافات ويهبنا صورة عن الأبعاد الثنائية اكثر مما للثلاثية من نصيب حيث إن ضمور مفهوم المنظور كان منطقياً ،ولم يكن قد سبق وطُرق ذلك الضرب من عملية الإظهار في الرسم في ذلك الزمان حتى حلول عصر النهضة في أوربا وظهرت في المنمنمات التركية المتأخرة ،ولكنه في مدرسة بغداد وما تبعها جاء تشبيهيا من خلال إشراك الواجهات والأجناب والأسقف في الصورة نفسها و تمثيل الأشكال فيها بالطريقة التي تشعر الرائي بوجود الأبعاد الثلاثة من خلال الخطوط ومساحاتها المجردة وكذلك الألوان ودرجاتها بحيث لا يخضع دائماً للمنظور الحسي المألوف بقدر ما هو يعتمد على الإحساس النسبي الموحي بالعمق.
ولا يستهان بالجانب الشكلي لاستخدام المستطيل والدائرة والمربع والمثلث التي تغني الرائي على تبين الرسم واستجلائه،ناهيك عن رمزية وروحانية كل من الأشكال ،ويستفاد في ذلك من التلاعب بألوان المسطحات وكذلك من النسب الجمالية والتي قررت الحلول الملموسة للجمال العلمي التحليلي والذي يدعى اليوم (النسبة الذهبية)، والتي نجدها مجسدة في كثير من أجزاء المنمنمات عن قصد واع أو فطري يعكس تأثر الفنانين بناموس الطبيعة الجمالي . فلنأخذ مثلاً ارتفاع الفضاءات المعمارية متناسبة مع طول قاعدتها أو طول العقود(نسبها الداخلية) بالمقارنة مع نسب السقوف والشرفات وما يعلوها من غطاءات سناميه (نسبها الداخلية في القاعدة-البدن-التاج) وكذلك في نسبها مع العقود التي فوقها في تجسيد الجمال مع عدم إهمال التأثيرات (ألقبإسلامية) ونذكر بالخصوص المصرية والشامية و اليونانية منها بنسبها المعروفة 3:5 و5:8 و 8:13 …الخ .
...
...
...
عدل سابقا من قبل في الأحد سبتمبر 30, 2007 3:20 pm عدل 1 مرات
وقد توسعت دائرة تنفيذ المنمنمات في العالم الإسلامي وظهرت مدارس فنية مختلفة، بحسب الأذواق ،ومصادر التاثيرات والموروث المحلي. وعلى العموم فأننا نقع على عشرة مدارس إقليمية أساسية تعاملت مع المنمنمات وتركت بصماتها عليها،وهي:
1. المدرسة العراقية أو مدرسة بغداد (القرن السابع الهجري- الثالث عشر الميلادي)، وحدث أن استمرت حتى بعيد سقوط بغداد عام 1258. وهذه المدرسة رائدة و هي الأكثر دلالة في فنون المنمنمات، ويمكن اعتبارها أصل كل المدارس التالية. وأكثر ما ورد منها كان في تمثيل قصص كليلة ودمنة وكتب الطب والنبات والطبيعة وكذلك المقامات كالحريري ومؤلفات موسوعية كعجائب المخلوقات للقزويني. و أقدمها الموجودة اليوم في القاهرة كتب في البيطرة 605هـ-1209م رسمه علي بن حسن هبة الله وورد اسم عبدالله بن الفصل في مخطوطة تعود للعام 1222م ، وأهمها وأكثرها شهرة مقامات الحريري ليحيى الواسطي عام 1237م.
ومن ابرز خصائص مدرسة بغداد فى التصوير جنوح فنانيها الى عدم ايلاء اهتمام بالطبيعة على الشكل الذى برزت فيه فى الصور التى رسمها فنانوا الشرق الاقصى وعدم عنايتهم بالنزعة التشريحية او التقيد بالنسب الخارجية للاشكال المرسومة كالتى سعى الى تأكيدها الفنان الاغريقى. كما ان رسوم مدرسة بغداد ذات ميل الى التسطيح ولم يول فنانوها أهمية لغير بعدين من ابعاد الصورة هما طولها وعرضها اما العمق او المنظور العمقى فلم يبرز اهتمام به إلا ابان القرن التاسع الهجري وبشكل لايؤكد تحولا اليه. وقد اضمحلت تلك المدرسة ثم درست خلال عهود الترك في القرون الاربع الأخيرة،وانقطع ذكرها. وقد جرت محاولات لإحيائها في القرن العشرين على يد الفنان العراقي جواد سليم.
2. المدرسة المصرية: وهي مدرسة شملت مصر والشام وتصاعد دفقها الإبداعي حتى أجهضت على يد الأيوبيين بعد تبنيهم خطا فقهيا سلفيا متشددا في التعامل مع الفنون. وانتقلت الحذلقة المصرية من المنمنمات إلى الخزف
3. المدرسة الإيرانية المغولية (القرن 8 هـ -14م) ومن خصوصياتها أنها شملت بعض التأثيرات الواقعية في المناظر الواردة من الرسم الصيني، وأقدمها نسخة من منافع الحيوان لإبن بختيشوع موجودة في نيويورك.
4. المدرسة التيمورية
5. المدرسة الإيرانية الصفوية وهي الأكثر شهرة لدى الأوربيين، حيث أضفت عليها الحداثة تأثيرات نوعية لم تلغ نفحات رومانسية ميزتها عن المدارس الأخرى. حين تذكر أخبار الشاه عباس الثاني أنه أرسل فنانه الخاص محمد زمان في بعثة دراسية إلى إيطاليا، فدرس الفن على أيدي الإيطاليين والهولنديين وعاد ليغير في قواعد المنمنمات الإسلامية تغييرا طفيفا، وأهم بقاياها تصوير الشاهنامة للفردوسي.
6. المدرسة الأفغانية وتسمى كذلك مدرسة بهزاد وتنتسب الى كمال الدين بهزاد الذي لقب بمعجزة العصر الفنية في مدينة هيرات ،بما ادخله على رسم المنمنمات من التطوير في التعبير النفسي والانطباعي والتقني ولاسيما في خلط الألوان.
7. مدرسة بخارى (القرن 10هـ-16م) وقد تأثرت بالمدرسة التيمورية وتأثرت من بهزاد وتلاميذه،وكثرت بها الموضوعات العاطفية والشاعرية.
8. المدرسة التركية
9. المدرسة المغولية الهندية : ومن أجمل آثارهم المخطوطة التي تصور قصة حمزة عم النبي (ص)،بشكل مبالغ فيه عن القصة الحقيقية واقترنت ببعض الأساطير الشرقية. وتقع تلك في مخطوطة احتوت على 1400 صورة واستغرق رسمها حوالى 20 سنة، (1556 -1575 م) ، وقام برسم معظم لوحاتها اثنان من كبار الفنانين الهنود هما "سيد علي " و"عبد الصمد". وهنا لا بد من ذكر أن فن التصوير الهندي الإسلامي بالمحصلة كان متأثرا بفن مدرسة بغداد، مسترسلة حتى مدرسة بهزاد.وفي العهود المتأخرة تأثرت ببعض الاستعارات الأوروبية المستمدة من صور النهضة التي جلبها البرتغاليون وبعدهم الهولنديون والانكليز .وقد أثرت تباعا في فنون أوربا ولاسيما من خلال التجارة،ونجد آثارها في لوحات الهولندي رامبرانت (1606-1669)،الذي استوحى منها بعض موضوعاته ، و أتصف وحده دون سائر المصورين الذي طرقوا مواضيع إستشراقية ، بميزة الإحساس الدفين بتوقير الشرق وإجلاله. ولقد مهدت أسباب سياسية واقتصادية لأوربا أن تقع على التصاوير المغولية بالهند، و تنال إعجابها. وكان رامبرانت أول من أعجب بهذا الفن، و إذا هو يقتني بعض تلك المنمنمات، ثم أخذ ينقلها بيده ما بين عامي 1654 و 1656، وتحتفظ المتاحف الآن بعشرين منها، هذا إلى أنه ضمّن بعض عناصرها لوحاته بعد أن مزجها بأسلوبه. ورسم رامبرانت المنمنمات مضيفا من عنده تقنية الإشراق والعتمة "كياروسكورو" التي أثرت عنه والتي خلت منها الأصول المغولية، فإذا الشخصيات فيها وكأنها في أصولها. واستمرت المدرسة الهندية ولكنها بترنح مكنها من الاحتفاظ ببعض ملامحها الأصلية حتى يومنا هذا، على عكس بقية المدارس التي درست مع تقادم الزمن.
10. المدرسة الأندلسية.وهي متفردة عن المغرب العربي الذي لم تنشا به مدارس منمنمات تركت أثرا معينا. و تواكبت هذه مع تطورها في المشرق الإسلامي وقد أثرت تباعا في فنون المنمنمات الأوربية وبقيت آثارها حتى بعد سقوط الأندلس ،وحلول فنون "المستعربين". وكانت قد تأسست في شمال الأندلس بدير من الأديرة مدرسة للنساخ يتعلمون فيها الخط والرسم والتوريق. وكان لهذه المدرسة تأثير بليغ في الحركة الفنية في أسبانيا ،ومنها مخطوطة لـ (بياتوس Beatus) في سفر الرؤيا ( Apacalypse) . وقد أخذت مدرسة أشبيلية عن فن المنمنمات الشئ الكثير وموهته بالألوان القاتمة والأساليب المحلية. وفي مقدمة المصورين يأتي (موريليو) و(بنشيقو) و(زباران) ونبغوا في القرن السابع عشر . ولم تستمر هذه المدرسة بعد سقوط الأندلس، ولكنها أثرت في فناني أوربا.
...
1. المدرسة العراقية أو مدرسة بغداد (القرن السابع الهجري- الثالث عشر الميلادي)، وحدث أن استمرت حتى بعيد سقوط بغداد عام 1258. وهذه المدرسة رائدة و هي الأكثر دلالة في فنون المنمنمات، ويمكن اعتبارها أصل كل المدارس التالية. وأكثر ما ورد منها كان في تمثيل قصص كليلة ودمنة وكتب الطب والنبات والطبيعة وكذلك المقامات كالحريري ومؤلفات موسوعية كعجائب المخلوقات للقزويني. و أقدمها الموجودة اليوم في القاهرة كتب في البيطرة 605هـ-1209م رسمه علي بن حسن هبة الله وورد اسم عبدالله بن الفصل في مخطوطة تعود للعام 1222م ، وأهمها وأكثرها شهرة مقامات الحريري ليحيى الواسطي عام 1237م.
ومن ابرز خصائص مدرسة بغداد فى التصوير جنوح فنانيها الى عدم ايلاء اهتمام بالطبيعة على الشكل الذى برزت فيه فى الصور التى رسمها فنانوا الشرق الاقصى وعدم عنايتهم بالنزعة التشريحية او التقيد بالنسب الخارجية للاشكال المرسومة كالتى سعى الى تأكيدها الفنان الاغريقى. كما ان رسوم مدرسة بغداد ذات ميل الى التسطيح ولم يول فنانوها أهمية لغير بعدين من ابعاد الصورة هما طولها وعرضها اما العمق او المنظور العمقى فلم يبرز اهتمام به إلا ابان القرن التاسع الهجري وبشكل لايؤكد تحولا اليه. وقد اضمحلت تلك المدرسة ثم درست خلال عهود الترك في القرون الاربع الأخيرة،وانقطع ذكرها. وقد جرت محاولات لإحيائها في القرن العشرين على يد الفنان العراقي جواد سليم.
2. المدرسة المصرية: وهي مدرسة شملت مصر والشام وتصاعد دفقها الإبداعي حتى أجهضت على يد الأيوبيين بعد تبنيهم خطا فقهيا سلفيا متشددا في التعامل مع الفنون. وانتقلت الحذلقة المصرية من المنمنمات إلى الخزف
3. المدرسة الإيرانية المغولية (القرن 8 هـ -14م) ومن خصوصياتها أنها شملت بعض التأثيرات الواقعية في المناظر الواردة من الرسم الصيني، وأقدمها نسخة من منافع الحيوان لإبن بختيشوع موجودة في نيويورك.
4. المدرسة التيمورية
5. المدرسة الإيرانية الصفوية وهي الأكثر شهرة لدى الأوربيين، حيث أضفت عليها الحداثة تأثيرات نوعية لم تلغ نفحات رومانسية ميزتها عن المدارس الأخرى. حين تذكر أخبار الشاه عباس الثاني أنه أرسل فنانه الخاص محمد زمان في بعثة دراسية إلى إيطاليا، فدرس الفن على أيدي الإيطاليين والهولنديين وعاد ليغير في قواعد المنمنمات الإسلامية تغييرا طفيفا، وأهم بقاياها تصوير الشاهنامة للفردوسي.
6. المدرسة الأفغانية وتسمى كذلك مدرسة بهزاد وتنتسب الى كمال الدين بهزاد الذي لقب بمعجزة العصر الفنية في مدينة هيرات ،بما ادخله على رسم المنمنمات من التطوير في التعبير النفسي والانطباعي والتقني ولاسيما في خلط الألوان.
7. مدرسة بخارى (القرن 10هـ-16م) وقد تأثرت بالمدرسة التيمورية وتأثرت من بهزاد وتلاميذه،وكثرت بها الموضوعات العاطفية والشاعرية.
8. المدرسة التركية
9. المدرسة المغولية الهندية : ومن أجمل آثارهم المخطوطة التي تصور قصة حمزة عم النبي (ص)،بشكل مبالغ فيه عن القصة الحقيقية واقترنت ببعض الأساطير الشرقية. وتقع تلك في مخطوطة احتوت على 1400 صورة واستغرق رسمها حوالى 20 سنة، (1556 -1575 م) ، وقام برسم معظم لوحاتها اثنان من كبار الفنانين الهنود هما "سيد علي " و"عبد الصمد". وهنا لا بد من ذكر أن فن التصوير الهندي الإسلامي بالمحصلة كان متأثرا بفن مدرسة بغداد، مسترسلة حتى مدرسة بهزاد.وفي العهود المتأخرة تأثرت ببعض الاستعارات الأوروبية المستمدة من صور النهضة التي جلبها البرتغاليون وبعدهم الهولنديون والانكليز .وقد أثرت تباعا في فنون أوربا ولاسيما من خلال التجارة،ونجد آثارها في لوحات الهولندي رامبرانت (1606-1669)،الذي استوحى منها بعض موضوعاته ، و أتصف وحده دون سائر المصورين الذي طرقوا مواضيع إستشراقية ، بميزة الإحساس الدفين بتوقير الشرق وإجلاله. ولقد مهدت أسباب سياسية واقتصادية لأوربا أن تقع على التصاوير المغولية بالهند، و تنال إعجابها. وكان رامبرانت أول من أعجب بهذا الفن، و إذا هو يقتني بعض تلك المنمنمات، ثم أخذ ينقلها بيده ما بين عامي 1654 و 1656، وتحتفظ المتاحف الآن بعشرين منها، هذا إلى أنه ضمّن بعض عناصرها لوحاته بعد أن مزجها بأسلوبه. ورسم رامبرانت المنمنمات مضيفا من عنده تقنية الإشراق والعتمة "كياروسكورو" التي أثرت عنه والتي خلت منها الأصول المغولية، فإذا الشخصيات فيها وكأنها في أصولها. واستمرت المدرسة الهندية ولكنها بترنح مكنها من الاحتفاظ ببعض ملامحها الأصلية حتى يومنا هذا، على عكس بقية المدارس التي درست مع تقادم الزمن.
10. المدرسة الأندلسية.وهي متفردة عن المغرب العربي الذي لم تنشا به مدارس منمنمات تركت أثرا معينا. و تواكبت هذه مع تطورها في المشرق الإسلامي وقد أثرت تباعا في فنون المنمنمات الأوربية وبقيت آثارها حتى بعد سقوط الأندلس ،وحلول فنون "المستعربين". وكانت قد تأسست في شمال الأندلس بدير من الأديرة مدرسة للنساخ يتعلمون فيها الخط والرسم والتوريق. وكان لهذه المدرسة تأثير بليغ في الحركة الفنية في أسبانيا ،ومنها مخطوطة لـ (بياتوس Beatus) في سفر الرؤيا ( Apacalypse) . وقد أخذت مدرسة أشبيلية عن فن المنمنمات الشئ الكثير وموهته بالألوان القاتمة والأساليب المحلية. وفي مقدمة المصورين يأتي (موريليو) و(بنشيقو) و(زباران) ونبغوا في القرن السابع عشر . ولم تستمر هذه المدرسة بعد سقوط الأندلس، ولكنها أثرت في فناني أوربا.
...
تطويع الفنان المسلم للفكر السائد ومزاوجته مع الفكر الجديد ارضاء لعقيدته وللتقاليد المحلية الموروثة.
بعض الملامح التي اتسم بها الفن التشكيلي المتأثر بالفكر الاسلامي
1- اظهر الفنان بكل وضوح التصاقة بالارض وصور الطبيعة من حيوان ونبات
2- وكنتيجة لملاحظته للطبيعة اكتسب نظرة مدققة واقعية
3- رغم أن نظرته واقعية ارضية الا انه أضفى عليها بعدا كونيا
4- نفذ أعماله باسلوب مبسط تجريدي
5- استعمل الخط الممتدبين نقطتين تاكيدا على امتداد الحياة الحالية نحو الحياة الاخرى.
6- اهتم بالثوابت من الاشياء ولم يهتم بالمتغيرات مثل الغيوم والظلال،ولم يعر أهمية للمنظور الذي ظهر لاحقا في فنون الدنيا ولكنه عالجه من خلال استخدامات اللون والحجوم بذكاء ولباقة.
7- استعمل المفردات المحلية المتعارف عليها مثل زهرة اللوتس في مصر أو سعف النخيل في العراق
8- كان منحاه في مجتمعات البيئة الزراعية مركزا على استعمال المربعات والمحاور الرأسية والافقية، أما في البيئة البحرية-الصحراوية نجده يركز على الخطوط المتعرجة والدوامات
9- إستعمال الكتابات وتسنى له أن ينقل الخط من هيئة الدلالات الرمزية كما هي الكتابة لدى كل الثقافات الى فن قائم بذاته ينفذ لتعزيز ودعم للفكرة التشكيلية (support).
ابتدع الفنان التشكيلي المسلم ما يلي
تفكيك العناصر
توحيد العناصر اي تحويلها الى وحدة تشكيلية
تكرار العناصر
تسطيح العناصر
وتركيز على الايقاع المتناغم للمفردة التشكيلية
والغاء الفراغ لان الفراغ من اعمال الشيطان
عرفت فنون التزويق في كتب الداعية ماني (213-277م) الذي أراد تمثيل أفكاره الدينية والفلسفية بالنص والصورة ويذهب الدكتور علي ثويني الى أن أسم (منمنمة) متأتي من أسم كتاب ماني (ماني نامه) من الفارسية الذي حرف تباعا .وكانت كتب الديانات الأخرى ولاسيما السماوية منها قد تمتعت ببعض الحرية في استخدامات الرسوم في كتبها الا الديانة اليهودية فهي تحرم وتمنع الرسوم والمنحوتات تحريما تاما . اما الديانة المسيحية فكانت تشجع هذه الفنون الا في الحقبة الايقونية للفن المسيحي البيزنطي فقد ظهر بعض التحفظ في الاستخدامات التشكيلية والتصوير و بنفس هذا الوقت ظهر الإسلام الذي شجع التحريم. وربما يكون هذا سببا كافيا لأن ينأى الفنان المسلم عن تزويق الكتب الدينية مقتصرا على تزويق الكتب الدنيوية. واقدم مخطوطة كاملة مزوقة او منمنمة هو كتاب صور الكواكب لعبد الرحمن الصوفي مؤرخة سنة 400 وموجودة في اكسفورد واقدم كتاب مزوق ومنمنم باسلوب الواسطي هو كتاب الترياق لجالينوس محفوظ في باريس.
واستمرت ممارسة ذلك العرف الفني في الثقافة الإسلامية ولاسيما في كتب الطب والفلك والفلسفة والتاريخ منذ بداية العصر الأموي ولاسيما في زمن هشام عبد الملك اذ عرب كتاب عن ملوك الفرس وكان الكتاب مصور وأحتوى على 27 صورة لملوك رجال و صورتين لملكتين. وفي عهد الخليفة العباسي أبو العباس السفاح عرب عبد الله ابن المقفع كتاب كليلة ودمنة وهناك اشارة من المعرب تقول وضحه بالصور ليكون موردا للناسخ والمزوق وكذلك عربت كثير من كتب الطب .
ثم سمى هذا التقليد ووصل الذروة إبان حكم المأمون العباسي ولاسيما في مادون في دار حكمة بغداد التي تكرس خلالها ذلك الضرب من التعبير الفني
المقامات
(المقامة ) كلمة مازالت تعني الكثير من المعاني والدلالت في الأدب العربي . ومقامات بديع الزمان الهمداني وتبعه الحريري. ويقال أن الحريري كتب مقاماته على غرار مقامات بديع الزمان وبناء على طلب من الوزير شرف الدين بن نصر وزير الخليفة المسترشد حينها عمل في ديوانه كصاحب خبر.وعدد المقامات 50 مقامة تتمحور حول شخصية السروجي احد طلاب الحريري واسمة المطهر ابن سلام وهو لغوي من البصرة أما شخصية الحارث فهي تمثل الحريري ذاته.
روى الحريري المقامات بكثير من الدقة والمصداقية وبروح مرحة تخلو من الوعض المباشر الجاف الا ان الوصف التفصيلي جاء موجزا ومقتضبا . اما الواسطي فقد صورها بشكل تشكيلي تفصيلي اقرب الى الواقع مستخدما كافة التقنيات التي كان يحذقها رابطا الزمان بالمكان بشكل واضح
الواسطي ابتدع اسلوبا خاص به هذا لا يعني الغاء تاثره بالتجارب السابقة ولكن تطويره لتلك التجارب جاء واضحا ومتميزا كما وانه اهتم بالتعبير رغم ان الكثير من مؤرخي الفن يقولون بمحدوية تصوير الواسطي للوجه الانساني واستخداماته التعبيرية الا انني بالحقيقة اخالفهم الرأي.
ان الشخصيات التي رسمها الواسطي واغلبها من الذكور تبدو لنا منشغلة بامور الحياة اليومية بكل ما فيها من مظاهر ولكن مع هذا نجد ان الواسطي قد اعطى اهمية كبيرة للشخصيات التى تنصت وتستمع او تراقب شيئا ما وهذه الشخصيات ترتسم على وجهها تعابير واضحة كما ان الواسطي رسم الوجوه اما بشكلها الجانيي او ثلاثة ارباع الوجه، ولكن هناك وجوها مرسومة من الامام والتعابير واضحة عليها. رغم سيطرة شخصية الرجل عددا على لوحات الواسطي الا انه لم يغفل المرأة بل صورها وركز على وجهها المعبر ونرى ذلك من خلال مقامة الساوية او مقامة رقم 11 لوحة دفن الميت وغيرها.
إن المناظر الطبيعة لم تكن هي الموضوع الانشائي بل جاءت ضمن سياق المادة اذ ان المواضيع عامة كانت تصور الحياة اليومية بكل ابعادها فلوحات الواسطي اضافة الى قيمتها الفنية الجمالية تحمل بعدا تسجيليا.
رسوم الواسطي لا تقلد الطبيعة ،بل تستعير الكثير من مفرداتها ولكن الواسطي يوظفها بشكل مقنع وكأنها جزء من المشهد ولم يهتم بالمقاييس الحقيقية للمفردات بل كبرها وصغرها لتناسب الموضوع والاطار العام. لقد صور الواسطي الحياة اليومية بدون مجاملة او تحيز اذ ان لوحاته تعكس مجالس الانس والطرب والخمر ومجالس القضاة وقوافل الحج صور الاشكال الادمية ولم يأبه للمحرمات الدينية.
حاول الواسطي تصوير البعد الثالث بوهم المشاهد وذلك بتغير الالوان من الفاتح الى الداكن واختلاف الاحجام من الكبير الى الصغير كما أنه باستعماله للون كان يحاول تتبع نفس الحدث ويكسر الملل والرتابة ويعبر عن روحية متفردة للواقعة والوانه تصور الواقع واذا ما استعمل الالوان البراقة فكان يختارها بكثير من الدقة للمحافظة على توازن الاشكال بعكس ما نرى في المنمنمات الاسيوية التي تطغي عليها الالوان الصاخبة.
وشخوص الواسطي ثابته مستقرة متوازنة تستند على الارض بكل ثقة وصلابة ويؤكد من خلالها أن تلك الشخوص تستند على ارض معينة وذلك برسم خط الارض وما يمثل ذلك الخط من مفردات بيئوية من تشكيل جذاب مدروس للشوك او رسم شجرة برتقال او جمل يحرك قائمته او حصان قد مد راسه الى الامام يتطلع قدما الى الرحيل مشاركا الحجيج رغبتهم للذهاب الى بيت الله كما في صورة قافلة الجح(شرح لصورة الحج) او صورة الجمال)
ونلاحظ هنا ان في المنمنمات الهندية والفارسية الشخوص عائمة في الفضاء وتطوف في ارجاء اللوحة(وأعطى الواسطي أهمية لشخوصه المجسدة أكثر من الخلفيات،وجاءت احجامها لا تتناسب مع البنايات او الحيوانات والاشجار في الخلفية اذ ان الانسان اكبر واضخم واهم وهو المحور الاساسي ولم يهتم الواسطي بالنسب اذ ان تصوير الفكرة المتمحورة على الشخصية الادمية اهم بكثير من الخلفية المعمارية حجما فقط وفي عرض الانسان بهذا الحجم نوع من التحدى والمجابهة.
ورغم تنفيذه الخلفيات ان كانت طبيعية او معمارية بحجم اصغر الا انه اعطاها كل التفاصيل التي تستوجبها من تبيان الحجوم و الهيكل البنائي وطراز البناء وعناصره المميزة وتبيان خامات البناء المستخدمة ،مع انتباه للنسب الجمالية في التصميم. وقد تحذلق في تبيان عدد الطوابق ومواضع الشرفات وشكل البوائك القائمة على أعمدة حاول أن يبين من خلالها تفاصيل حتى تاج العمود الناقوسي كما في المقامة الواسطية.
ومن الملامح التي نرصدها في رسمه للناعور حيث يعمل والماء يندلق ويجري ومثل الاشجار وهي مثمرة والاشواك المنتصبة ،وماينم عن وسع أفقه تصويره للجزيرة العمانية الصغيرة وهي تحوى اسماكا معروفة بسين الناس .
وبالاضافة الى كل ما تقدم هناك افكار ريادية واسلوب متفرد للواسطي وظف فيه مايميزه عن غيره من المصورين في النقاط التالية:
• ادخل الفراغ
• ألغى الإطار المتعارف عليه
• اكد على خط الارض
• نفذ الكتابات بشكل مختلف عما كان متعارف عليه
بعض الملامح التي اتسم بها الفن التشكيلي المتأثر بالفكر الاسلامي
1- اظهر الفنان بكل وضوح التصاقة بالارض وصور الطبيعة من حيوان ونبات
2- وكنتيجة لملاحظته للطبيعة اكتسب نظرة مدققة واقعية
3- رغم أن نظرته واقعية ارضية الا انه أضفى عليها بعدا كونيا
4- نفذ أعماله باسلوب مبسط تجريدي
5- استعمل الخط الممتدبين نقطتين تاكيدا على امتداد الحياة الحالية نحو الحياة الاخرى.
6- اهتم بالثوابت من الاشياء ولم يهتم بالمتغيرات مثل الغيوم والظلال،ولم يعر أهمية للمنظور الذي ظهر لاحقا في فنون الدنيا ولكنه عالجه من خلال استخدامات اللون والحجوم بذكاء ولباقة.
7- استعمل المفردات المحلية المتعارف عليها مثل زهرة اللوتس في مصر أو سعف النخيل في العراق
8- كان منحاه في مجتمعات البيئة الزراعية مركزا على استعمال المربعات والمحاور الرأسية والافقية، أما في البيئة البحرية-الصحراوية نجده يركز على الخطوط المتعرجة والدوامات
9- إستعمال الكتابات وتسنى له أن ينقل الخط من هيئة الدلالات الرمزية كما هي الكتابة لدى كل الثقافات الى فن قائم بذاته ينفذ لتعزيز ودعم للفكرة التشكيلية (support).
ابتدع الفنان التشكيلي المسلم ما يلي
تفكيك العناصر
توحيد العناصر اي تحويلها الى وحدة تشكيلية
تكرار العناصر
تسطيح العناصر
وتركيز على الايقاع المتناغم للمفردة التشكيلية
والغاء الفراغ لان الفراغ من اعمال الشيطان
عرفت فنون التزويق في كتب الداعية ماني (213-277م) الذي أراد تمثيل أفكاره الدينية والفلسفية بالنص والصورة ويذهب الدكتور علي ثويني الى أن أسم (منمنمة) متأتي من أسم كتاب ماني (ماني نامه) من الفارسية الذي حرف تباعا .وكانت كتب الديانات الأخرى ولاسيما السماوية منها قد تمتعت ببعض الحرية في استخدامات الرسوم في كتبها الا الديانة اليهودية فهي تحرم وتمنع الرسوم والمنحوتات تحريما تاما . اما الديانة المسيحية فكانت تشجع هذه الفنون الا في الحقبة الايقونية للفن المسيحي البيزنطي فقد ظهر بعض التحفظ في الاستخدامات التشكيلية والتصوير و بنفس هذا الوقت ظهر الإسلام الذي شجع التحريم. وربما يكون هذا سببا كافيا لأن ينأى الفنان المسلم عن تزويق الكتب الدينية مقتصرا على تزويق الكتب الدنيوية. واقدم مخطوطة كاملة مزوقة او منمنمة هو كتاب صور الكواكب لعبد الرحمن الصوفي مؤرخة سنة 400 وموجودة في اكسفورد واقدم كتاب مزوق ومنمنم باسلوب الواسطي هو كتاب الترياق لجالينوس محفوظ في باريس.
واستمرت ممارسة ذلك العرف الفني في الثقافة الإسلامية ولاسيما في كتب الطب والفلك والفلسفة والتاريخ منذ بداية العصر الأموي ولاسيما في زمن هشام عبد الملك اذ عرب كتاب عن ملوك الفرس وكان الكتاب مصور وأحتوى على 27 صورة لملوك رجال و صورتين لملكتين. وفي عهد الخليفة العباسي أبو العباس السفاح عرب عبد الله ابن المقفع كتاب كليلة ودمنة وهناك اشارة من المعرب تقول وضحه بالصور ليكون موردا للناسخ والمزوق وكذلك عربت كثير من كتب الطب .
ثم سمى هذا التقليد ووصل الذروة إبان حكم المأمون العباسي ولاسيما في مادون في دار حكمة بغداد التي تكرس خلالها ذلك الضرب من التعبير الفني
المقامات
(المقامة ) كلمة مازالت تعني الكثير من المعاني والدلالت في الأدب العربي . ومقامات بديع الزمان الهمداني وتبعه الحريري. ويقال أن الحريري كتب مقاماته على غرار مقامات بديع الزمان وبناء على طلب من الوزير شرف الدين بن نصر وزير الخليفة المسترشد حينها عمل في ديوانه كصاحب خبر.وعدد المقامات 50 مقامة تتمحور حول شخصية السروجي احد طلاب الحريري واسمة المطهر ابن سلام وهو لغوي من البصرة أما شخصية الحارث فهي تمثل الحريري ذاته.
روى الحريري المقامات بكثير من الدقة والمصداقية وبروح مرحة تخلو من الوعض المباشر الجاف الا ان الوصف التفصيلي جاء موجزا ومقتضبا . اما الواسطي فقد صورها بشكل تشكيلي تفصيلي اقرب الى الواقع مستخدما كافة التقنيات التي كان يحذقها رابطا الزمان بالمكان بشكل واضح
الواسطي ابتدع اسلوبا خاص به هذا لا يعني الغاء تاثره بالتجارب السابقة ولكن تطويره لتلك التجارب جاء واضحا ومتميزا كما وانه اهتم بالتعبير رغم ان الكثير من مؤرخي الفن يقولون بمحدوية تصوير الواسطي للوجه الانساني واستخداماته التعبيرية الا انني بالحقيقة اخالفهم الرأي.
ان الشخصيات التي رسمها الواسطي واغلبها من الذكور تبدو لنا منشغلة بامور الحياة اليومية بكل ما فيها من مظاهر ولكن مع هذا نجد ان الواسطي قد اعطى اهمية كبيرة للشخصيات التى تنصت وتستمع او تراقب شيئا ما وهذه الشخصيات ترتسم على وجهها تعابير واضحة كما ان الواسطي رسم الوجوه اما بشكلها الجانيي او ثلاثة ارباع الوجه، ولكن هناك وجوها مرسومة من الامام والتعابير واضحة عليها. رغم سيطرة شخصية الرجل عددا على لوحات الواسطي الا انه لم يغفل المرأة بل صورها وركز على وجهها المعبر ونرى ذلك من خلال مقامة الساوية او مقامة رقم 11 لوحة دفن الميت وغيرها.
إن المناظر الطبيعة لم تكن هي الموضوع الانشائي بل جاءت ضمن سياق المادة اذ ان المواضيع عامة كانت تصور الحياة اليومية بكل ابعادها فلوحات الواسطي اضافة الى قيمتها الفنية الجمالية تحمل بعدا تسجيليا.
رسوم الواسطي لا تقلد الطبيعة ،بل تستعير الكثير من مفرداتها ولكن الواسطي يوظفها بشكل مقنع وكأنها جزء من المشهد ولم يهتم بالمقاييس الحقيقية للمفردات بل كبرها وصغرها لتناسب الموضوع والاطار العام. لقد صور الواسطي الحياة اليومية بدون مجاملة او تحيز اذ ان لوحاته تعكس مجالس الانس والطرب والخمر ومجالس القضاة وقوافل الحج صور الاشكال الادمية ولم يأبه للمحرمات الدينية.
حاول الواسطي تصوير البعد الثالث بوهم المشاهد وذلك بتغير الالوان من الفاتح الى الداكن واختلاف الاحجام من الكبير الى الصغير كما أنه باستعماله للون كان يحاول تتبع نفس الحدث ويكسر الملل والرتابة ويعبر عن روحية متفردة للواقعة والوانه تصور الواقع واذا ما استعمل الالوان البراقة فكان يختارها بكثير من الدقة للمحافظة على توازن الاشكال بعكس ما نرى في المنمنمات الاسيوية التي تطغي عليها الالوان الصاخبة.
وشخوص الواسطي ثابته مستقرة متوازنة تستند على الارض بكل ثقة وصلابة ويؤكد من خلالها أن تلك الشخوص تستند على ارض معينة وذلك برسم خط الارض وما يمثل ذلك الخط من مفردات بيئوية من تشكيل جذاب مدروس للشوك او رسم شجرة برتقال او جمل يحرك قائمته او حصان قد مد راسه الى الامام يتطلع قدما الى الرحيل مشاركا الحجيج رغبتهم للذهاب الى بيت الله كما في صورة قافلة الجح(شرح لصورة الحج) او صورة الجمال)
ونلاحظ هنا ان في المنمنمات الهندية والفارسية الشخوص عائمة في الفضاء وتطوف في ارجاء اللوحة(وأعطى الواسطي أهمية لشخوصه المجسدة أكثر من الخلفيات،وجاءت احجامها لا تتناسب مع البنايات او الحيوانات والاشجار في الخلفية اذ ان الانسان اكبر واضخم واهم وهو المحور الاساسي ولم يهتم الواسطي بالنسب اذ ان تصوير الفكرة المتمحورة على الشخصية الادمية اهم بكثير من الخلفية المعمارية حجما فقط وفي عرض الانسان بهذا الحجم نوع من التحدى والمجابهة.
ورغم تنفيذه الخلفيات ان كانت طبيعية او معمارية بحجم اصغر الا انه اعطاها كل التفاصيل التي تستوجبها من تبيان الحجوم و الهيكل البنائي وطراز البناء وعناصره المميزة وتبيان خامات البناء المستخدمة ،مع انتباه للنسب الجمالية في التصميم. وقد تحذلق في تبيان عدد الطوابق ومواضع الشرفات وشكل البوائك القائمة على أعمدة حاول أن يبين من خلالها تفاصيل حتى تاج العمود الناقوسي كما في المقامة الواسطية.
ومن الملامح التي نرصدها في رسمه للناعور حيث يعمل والماء يندلق ويجري ومثل الاشجار وهي مثمرة والاشواك المنتصبة ،وماينم عن وسع أفقه تصويره للجزيرة العمانية الصغيرة وهي تحوى اسماكا معروفة بسين الناس .
وبالاضافة الى كل ما تقدم هناك افكار ريادية واسلوب متفرد للواسطي وظف فيه مايميزه عن غيره من المصورين في النقاط التالية:
• ادخل الفراغ
• ألغى الإطار المتعارف عليه
• اكد على خط الارض
• نفذ الكتابات بشكل مختلف عما كان متعارف عليه
المنمنمات في الحداثة
سبق محمد راسم (1896-1974م) الجميع الى إعادة اكتشاف فن المنمنمات،
بقي محمد راسم في مجمل منمنماته محافظا على الطابع التزييني الذي تكتنفه حالة من الشاعرية تبرز من خلالها عناصر الطبيعة. ثم أنصب اهتمامه بالزخرفة والرقش في الملابس وإظهار العناصر المعمارية كالقباب، وكذلك في المعالجات الفنية كأعمال الفسيفساء والخطوط الحروفية والزخارف النباتية و الهندسية.
وقد اهتم راسم أيضا بنقل إيقاعات الحياة الشرقية المحلية. أما الموضوعات التي عالجها فقد بقيت في إطار التقاليد الموروثة في منمنمات المدارس الإسلامية، وعكس واقع الحياة الجزائرية كحفلات الرقص والغناء والأعراس والأسواق الشعبية والأعياد.
و تمحورت إضافات راسم في المهارات التشكيلية العامة لبناء اللوحة. وأهمها إدخال البعد الثالث المنظوري التي وردت من أوربا النهضة. حيث أن المنمنمة الإسلامية تعتمد مبدأ التسطيح في بناء الحدث، من أعلى إلى أسفل أو بالعكس أو من يمين الصورة إلى يسارها وبالعكس وأحيانا بتراكب رمزي على شكل حلزوني كما فسر ذلك بعض منظري الجمال الأوربيين مثل الفرنسي ذو الأصل اليوناني(بابادوبولوس). وأستثمر بحذاقة نظرية الانعكاس اللوني والتدرجات اللونية ونظم نسب حجم الأجسام والأشخاص مع عناصر العمارة الداخلية والطبيعية، بحيث بدت في علاقة متوازنة، متناغمة، متناسقة. وقد حرر الألوان من حدود الخطأ حتى في تصويره للعبة الأرابسك التي أجادها بالألوان وبمسحات عفوية، تلقائية لا تعرف القيود والحواجز.
وكان فنان المنمنمات يعمل إما بحبر أسود أو أحمر وبعد أن يجف يملأ الساحة ما بين الخطوط بألوان كثيفة ولزجة ينتظرها حتى تجف ليزين إطارها بالزخارف والتطريز المذهب. أما محمد راسم فيبدو أنه استفاد من تجربة وجوده في أوربا حيث تعلم أصول النظريات اللونية وقواعد المنظور في بناء وتكوين اللوحة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن محمد راسم لم يكن الأول بين فناني المنمنمات الإسلامية في توجهه نحو استعمال التقنيات التشكيلية الحديثة المرتبطة بتطور العلوم، بل هو امتداد لما بدأه فنانو البلاط الإيراني والتركي الذين أدخلوا علم المنظور في بناء المنمنمة منذ القرن السابع عشر، لكن ما بدأه الفنانون آنذاك بقي في دائرة التقليد و لم ينقل المنمنمة الإسلامية إلى حالة من الابتكار والتطوير.
ونجد مثلا منمنمة لحفل تقليدي امرأتان ترقصان عند الشلالات تحيطها معالم معمارية لدار من بيوت قصبة مدينة الجزائر،حيث آثر فيها التناظر في المعالجة والبهرج والإبهار في التمثيل الفني. وترك شعورا بقرب المسافة بين الزمان والمكان،و موحيا ضمنا بحالة الغموض المكتنفة لحياة الشرق السحري المقتصر على أجواء الحرملك (جناح النساء في البيوت)،و ينكشف ذلك من نافذة مفتوحة على الزمان تحمل في طياتها صورة الحاضر و نفحات التراث.
وعلى خلاف المسار التقليدي الذي خطه راسم فان جواد سليم سار بمنهج متحرر من النمطية التراثية. ونلمس ذلك من خلال إضفاءه لروحية نقدية وفكرية، طبقية معينة أو رفضه لممارسات اجتماعية بعينها. فمثلا كانت المنمنمات التراثية تظهر أصحاب الحيثيات أو الحكام في مكان مرموق ومحوري في اللوحة ،وتحيط رؤوسهم هالات وهم يجلسون على أرائك عالية أو يحاطون بعقود وبوائك معمارية ،ويرسمون بمقياس اكبر من الحاشية والندماء الممثلين باللوحة بمنزلة ليس ذي أهمية.ونجد بهذا السياق أن جواد سليم أراد نقد ذلك من خلال تصويره بشكل ساخر للخليفة المنتفخ الكرش . وأحتل مكانا مهملا و موقعا هامشيا من اللوحة. وعلى العكس أعطى المنزلة المحورية لعازف العود الذي أحاطه ببائكة بنائية يحاكي بها ما ورد في منزلة قاضي صعدة في المقامة 37 من مقامات الهمداني للواسطي.
وقد نحى جواد سليم منحى زاهد في تصويره لواقع الحياة من ملبس وعمارة ومعالجة فنية ،على عكس الرخاء والعافية التي ترفل بها صور محمد راسم. وأتفق راسم وسليم في إظهار جمال المرأة من خلال الوجوه المدورة والعيون اللوزية والشعر المنسدل وملابس تتدفق من تحتها المفاتن. وكان جواد يروم أكثر في إظهارهن بمظهر وبأخلاقية متحررة مبتعدا نسبيا عن بعض التقاليد الموروثة على عكس راسم الذي كان محافظا ومتحسسا لنبض التقاليد والأعراف الاجتماعية.
وأتفق سليم و راسم على دمج ظرفي الزمان والمكان عندما رمزا من خلال نافذة تظهر من خلالها هذا التواصل بين قرون الرفاهية والبهرج الوارد من التراث وقصصه بالمقارنة مع الفقر والكآبة البادية على شخوصه المعاصرين. أما من الناحية الشكلية والتراتبية فان جواد سليم أستعمل الأهلة والأشكال الدائرية ونصف الدائرية كعنصر إنشائي أساسي ممثلا في الوجوه والدف والعود وكرش الخليفة والأكف وحركات الأطراف.وقد تلافى سليم هذه الرتابة من خلال إرداف بعض الأشكال المستطيلة والشريطية المبثوثة هنا وهناك في فراغات اللوحة بما يخلق حالة من التوازن والانسجام.
وعلى عكس راسم فقد اتبع سليم الأسلوب الإختزالي في معالجة اللوحة، ولم يكن محبا لاكتظاظ الشخوص كما في المنمنمات التراثية ،ونجدها صريحة في لوحات (بائع الشتول) و(فتاة وطير) و(موسيقى في الشارع) ،و اكتفى بملء الفراغات بألوان هادئة لم تبخل في إعطاء اللوحة تجانسا يتدفق بالحركة وتماسكا في بنية الموضوع المراد إظهاره.
واليوم وبعد أفول وقع هذان الفنانان ،خلت الساحة العربية ممن يأخذ العهد في بعث هذا الفن، وجعله إحدى سمات النهضة الفنية ذات الخصوصية الفنية المحلية. ويمكن اعتبار تجربتا محمد راسم وجواد سليم شذوذا يرسم ملامح القاعدة الواجب تعميمها. وبالرغم من ذلك نجد مناح في الفن العربي الحديث تسير بقرب أو تطابق مع فن المنمنمات ونجد فنانين من عدة دول عربية مثل سعيد تحسين ونعيم إسماعيل من سوريه وسعاد العطار من العراق وهنري زغيب من لبنان وإبراهيم الصلحي من السودان وجاذبية سري من مصر وجلال بن عبدالله والزبير التركي من تونس ومحمد بن علال من المغرب.
...
منمنمة للفنان الجزائري محمد راسم:
...
سبق محمد راسم (1896-1974م) الجميع الى إعادة اكتشاف فن المنمنمات،
بقي محمد راسم في مجمل منمنماته محافظا على الطابع التزييني الذي تكتنفه حالة من الشاعرية تبرز من خلالها عناصر الطبيعة. ثم أنصب اهتمامه بالزخرفة والرقش في الملابس وإظهار العناصر المعمارية كالقباب، وكذلك في المعالجات الفنية كأعمال الفسيفساء والخطوط الحروفية والزخارف النباتية و الهندسية.
وقد اهتم راسم أيضا بنقل إيقاعات الحياة الشرقية المحلية. أما الموضوعات التي عالجها فقد بقيت في إطار التقاليد الموروثة في منمنمات المدارس الإسلامية، وعكس واقع الحياة الجزائرية كحفلات الرقص والغناء والأعراس والأسواق الشعبية والأعياد.
و تمحورت إضافات راسم في المهارات التشكيلية العامة لبناء اللوحة. وأهمها إدخال البعد الثالث المنظوري التي وردت من أوربا النهضة. حيث أن المنمنمة الإسلامية تعتمد مبدأ التسطيح في بناء الحدث، من أعلى إلى أسفل أو بالعكس أو من يمين الصورة إلى يسارها وبالعكس وأحيانا بتراكب رمزي على شكل حلزوني كما فسر ذلك بعض منظري الجمال الأوربيين مثل الفرنسي ذو الأصل اليوناني(بابادوبولوس). وأستثمر بحذاقة نظرية الانعكاس اللوني والتدرجات اللونية ونظم نسب حجم الأجسام والأشخاص مع عناصر العمارة الداخلية والطبيعية، بحيث بدت في علاقة متوازنة، متناغمة، متناسقة. وقد حرر الألوان من حدود الخطأ حتى في تصويره للعبة الأرابسك التي أجادها بالألوان وبمسحات عفوية، تلقائية لا تعرف القيود والحواجز.
وكان فنان المنمنمات يعمل إما بحبر أسود أو أحمر وبعد أن يجف يملأ الساحة ما بين الخطوط بألوان كثيفة ولزجة ينتظرها حتى تجف ليزين إطارها بالزخارف والتطريز المذهب. أما محمد راسم فيبدو أنه استفاد من تجربة وجوده في أوربا حيث تعلم أصول النظريات اللونية وقواعد المنظور في بناء وتكوين اللوحة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن محمد راسم لم يكن الأول بين فناني المنمنمات الإسلامية في توجهه نحو استعمال التقنيات التشكيلية الحديثة المرتبطة بتطور العلوم، بل هو امتداد لما بدأه فنانو البلاط الإيراني والتركي الذين أدخلوا علم المنظور في بناء المنمنمة منذ القرن السابع عشر، لكن ما بدأه الفنانون آنذاك بقي في دائرة التقليد و لم ينقل المنمنمة الإسلامية إلى حالة من الابتكار والتطوير.
ونجد مثلا منمنمة لحفل تقليدي امرأتان ترقصان عند الشلالات تحيطها معالم معمارية لدار من بيوت قصبة مدينة الجزائر،حيث آثر فيها التناظر في المعالجة والبهرج والإبهار في التمثيل الفني. وترك شعورا بقرب المسافة بين الزمان والمكان،و موحيا ضمنا بحالة الغموض المكتنفة لحياة الشرق السحري المقتصر على أجواء الحرملك (جناح النساء في البيوت)،و ينكشف ذلك من نافذة مفتوحة على الزمان تحمل في طياتها صورة الحاضر و نفحات التراث.
وعلى خلاف المسار التقليدي الذي خطه راسم فان جواد سليم سار بمنهج متحرر من النمطية التراثية. ونلمس ذلك من خلال إضفاءه لروحية نقدية وفكرية، طبقية معينة أو رفضه لممارسات اجتماعية بعينها. فمثلا كانت المنمنمات التراثية تظهر أصحاب الحيثيات أو الحكام في مكان مرموق ومحوري في اللوحة ،وتحيط رؤوسهم هالات وهم يجلسون على أرائك عالية أو يحاطون بعقود وبوائك معمارية ،ويرسمون بمقياس اكبر من الحاشية والندماء الممثلين باللوحة بمنزلة ليس ذي أهمية.ونجد بهذا السياق أن جواد سليم أراد نقد ذلك من خلال تصويره بشكل ساخر للخليفة المنتفخ الكرش . وأحتل مكانا مهملا و موقعا هامشيا من اللوحة. وعلى العكس أعطى المنزلة المحورية لعازف العود الذي أحاطه ببائكة بنائية يحاكي بها ما ورد في منزلة قاضي صعدة في المقامة 37 من مقامات الهمداني للواسطي.
وقد نحى جواد سليم منحى زاهد في تصويره لواقع الحياة من ملبس وعمارة ومعالجة فنية ،على عكس الرخاء والعافية التي ترفل بها صور محمد راسم. وأتفق راسم وسليم في إظهار جمال المرأة من خلال الوجوه المدورة والعيون اللوزية والشعر المنسدل وملابس تتدفق من تحتها المفاتن. وكان جواد يروم أكثر في إظهارهن بمظهر وبأخلاقية متحررة مبتعدا نسبيا عن بعض التقاليد الموروثة على عكس راسم الذي كان محافظا ومتحسسا لنبض التقاليد والأعراف الاجتماعية.
وأتفق سليم و راسم على دمج ظرفي الزمان والمكان عندما رمزا من خلال نافذة تظهر من خلالها هذا التواصل بين قرون الرفاهية والبهرج الوارد من التراث وقصصه بالمقارنة مع الفقر والكآبة البادية على شخوصه المعاصرين. أما من الناحية الشكلية والتراتبية فان جواد سليم أستعمل الأهلة والأشكال الدائرية ونصف الدائرية كعنصر إنشائي أساسي ممثلا في الوجوه والدف والعود وكرش الخليفة والأكف وحركات الأطراف.وقد تلافى سليم هذه الرتابة من خلال إرداف بعض الأشكال المستطيلة والشريطية المبثوثة هنا وهناك في فراغات اللوحة بما يخلق حالة من التوازن والانسجام.
وعلى عكس راسم فقد اتبع سليم الأسلوب الإختزالي في معالجة اللوحة، ولم يكن محبا لاكتظاظ الشخوص كما في المنمنمات التراثية ،ونجدها صريحة في لوحات (بائع الشتول) و(فتاة وطير) و(موسيقى في الشارع) ،و اكتفى بملء الفراغات بألوان هادئة لم تبخل في إعطاء اللوحة تجانسا يتدفق بالحركة وتماسكا في بنية الموضوع المراد إظهاره.
واليوم وبعد أفول وقع هذان الفنانان ،خلت الساحة العربية ممن يأخذ العهد في بعث هذا الفن، وجعله إحدى سمات النهضة الفنية ذات الخصوصية الفنية المحلية. ويمكن اعتبار تجربتا محمد راسم وجواد سليم شذوذا يرسم ملامح القاعدة الواجب تعميمها. وبالرغم من ذلك نجد مناح في الفن العربي الحديث تسير بقرب أو تطابق مع فن المنمنمات ونجد فنانين من عدة دول عربية مثل سعيد تحسين ونعيم إسماعيل من سوريه وسعاد العطار من العراق وهنري زغيب من لبنان وإبراهيم الصلحي من السودان وجاذبية سري من مصر وجلال بن عبدالله والزبير التركي من تونس ومحمد بن علال من المغرب.
...
منمنمة للفنان الجزائري محمد راسم:
...
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى